تتسابق دول العالم اليوم في البحث عن كل ما هو جديد واستثمار الفرص في سعيها نحو التطور
الحضاري والإنساني. واستكشاف الفضاء والبحث عن مواطن الاستفادة منه يعد مجالاً تتزاحم
فيه الدول، فهذا الفضاء الرحب يحمل بين طياته آلاف الأقمار الصناعية، والتي يعمل منها
اليوم 700 قمر صناعي، تعود ملكيتها إلى ستين دولة من دول العالم، في حين أن الدول التي
أوجدت لنفسها مكاناً في الفضاء لا تتجاوز ثلاثين دولة فقط.
والحديث عن قوانين الفضاء، حديث قديم بدأ منذ الاتفاقية الأولى للأمم المتحدة للفضاء
الخارجي في عام 1967، وانضمت إليها 103 دول، وتوالت من بعدها أربع اتفاقيات للأمم المتحدة
ما بين عامي 1968 وحتى 1979. كما أن هناك عدداً من المنظمات الدولية التي تعنى بقوانين
الفضاء مثل اتحاد الاتصالات الدولية، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الإقليمية كهيئة قانون
الفضاء في الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن القوانين المحلية المنتشرة في دول العالم، إضافة
إلى عدد كبير من مشاريع القوانين والقوانين غير الملزمة وآراء فقهاء القانون. غير أن
دول العالم لا تزال بحاجة إلى تفعيل قوانين الفضاء، والسعي نحو توحيد جهودها وصولاً إلى
التناسق فيما بينها.
إن قوانين الفضاء تعتبر من القوانين ذات الطبيعة الخاصة نظرا لأنها متعددة الجوانب، فمنها
السياسية والعسكرية والمدنية والبيئية والتجارية. كما أن قوانين الفضاء تتصل بتخصصات
أخرى من تخصصات القانون، ولا تكاد تنفك عنها مثل: القانون الدولي العام، قوانين أعالي
البحار، القانون البحري والقانون الجوي، وقوانين الاتصالات.
وعلى الرغم من الجانب السيادي الذي تثيره قوانين الفضاء، إلا أن القطاع الخاص والشركات
أبدت رغبتها في سبر أغوار هذا الفضاء والاستفادة من الفرص التجارية التي تتوافر فيه،
خصوصاً فيما يتعلق بالأقمار الصناعية، مع التأكيد على أن أنشطة القطاع الخاص محكومة بقوانين
دولها، والتزاماتها تجاه دول العالم.
وانطلاقاً من هذه الاعتبارات، وبحكم الأهمية الخاصة التي توليها دولة الإمارات العربية
المتحدة لبرامج الفضاء والتي تمثلت في تبني رؤية طويلة الأمد للقيام بأنشطة مختلفة وجادة
في الفضاء الخارجي، ارتأت كلية القانون بأن تخصص مؤتمرها الدولي السنوي السادس والعشرون
لهذا الموضوع بغية التعرف وبشكل دقيق على النظام القانوني الذي يحكم الأنشطة الفضائية،
سواء في نطاق القانون الدولي أو القوانين الوطنية للدول المهتمة بتلك الأنشطة، والتعرف
كذلك على نطاق استخدامات الفضاء الخارجي والمسؤولية القانونية التي يمكن أن تترتب على
تلك الاستخدامات.